الثلاثاء، 21 أبريل 2009

"صباح و مسا"


إحساس مباغت
أزال بينا مسافات من الإختلافات


وأنا مستسلمة للتمتع بهذا الإحساس
لا أرغب في النوم
أجلس بالليل
أنا وأنت وفيروز
ويدي تحتضن كأس الشاي الأخضر بالنعناع


أحتضن الكاس بيدي الأثنتين وأتمتع بدفء حرارته تختلسني
أغمض عيني وأرفع الكاس لفمي فتملأ أنفي رائحته المحببة
أرتشف أول قطرة... تلسعني حرارته
فالأتركه قليلا حتى يبرد
ولأرتشفه قطرة قطرة. هكذا أحب أن أشربه


أنظر إلى الكاس وأتمتع بلون الشاي من خلال الزجاج الشفاف
هكذا أحب أن أشرب كأسي
لي طقوسي الخاصة
ليست بالشئ الكثير ولكنها طريقتي أنا التي تجعل من الأشياء الصغيرة تجربة ممتعة خاصة بي


هذا هو طقسي اليومي
لحظتي التي أختلي فيها بنفسي
ولكن اليوم زاد عليها بعداً جديداً
بعداً جعل للحظة خلوتي هذه طعم مختلف
شيئا ما قد لمسني ونفذ إلى داخلي
أشعر بإحساسي وقد رق


وفي الخلفية تغني فيروز
" صباح ومسا "
" شئ ما بيتنسا "


ربما كانت هي الخيط الرابط
منذ بداية أزمتي التي لم يكن لك شأن بها
كنا أيضاً أنا وهي


كان ذلك قبل بضعة شهور
قبل مرحلة الإنفجار
كان الوقت السابق لهذا الإنفجار وقت تعب وتفكير لا يؤدي الى أي راحة
إلى أن حدث الإنفجار في داخلي
إنفجار نتج عنه نزيف للكثير من المشاعر والأحاسيس
إنفجار أزاح طبقات وطبقات من تحت التراب وأتي بها إلى السطح


ومع الإنفجار أهتززت .. و ترنحت
وأنا على الأرض أجثو على ركبتي ، فوجئت بالألوان
رأيت الألوان في كل مكان ..... ما أجمل الألوان
كل الوان الكون أمتزجت في تشكيلات جميلة متداخلة
في هذه اللحظة أكتشفت الكثيرعن نفسي


هل كان مقدراً أن تاتي في ذلك الوقت ؟
هل هناك سبب لذلك الوقت بالتحديد
هل هناك سبب لكل ما سبق ؟


ولماذا أنت؟
منذ عرفتك وقد أوجست منك كثيراً
وأبعدتك كثيراً
فقد كنت أخشى ذلك اليوم


ولكني أنا التي تقترب الآن
بثقة وغرورحديث الطيران أقترب
اليوم أتحت لنفسي فرصة للاقتراب
فرصة أختلستها من العقل والمنطق وكل حسابات الورقة والقلم.




أقترب نحو النور وما أقسى إحتمالات النور
أعرف أنه قد يكون نوراً أسكن اليه وقد يكون ناراً حارقة
وشتان بين الأحتمالان
ولكن النور يجذبني.... فلا أستطيع إلا الإقتراب


و أتلقى التحذيرات
الرسائل المباشرة والمتوارية
وأفكر في كل ما حافظت عليه
وفي كل ما يستوجب الحفاظ عليه
في إحساسي وشعوري
في حياتي المقبلة


أقتربت اليوم بخاطري وأنا لست نادمة
بل على العكس أشعر انك قد أضفت الي شيئاً جديداً
شيئا جعلني أبتسم لك عن بعد وأنا اتذكر بعضاً من تفاصيل اليوم.


وعدت
وها أنا الآن بالليل ؛ أنا وأنت وفيروز
وكاس الشاي بين يدى وتفاصيل صغيرة تدور بعقلي


فرغ الكاس ..... تصبح على خير.

أميرة المسيرى

السبت، 11 أبريل 2009

هل نلتقي؟

يا عزيزي...
صعب علي أن أقبلك كما أنت
صعب عليك أن تقبلنى كما أنا


الحرب بيننا دائرة . شد وجذب
هي حرب فرض الإرادة
ليست بغرض فرض الإرادة ، ولكن لأننا نمثل قمة التناقض
أمثل أنا الوحدوية ، تمثل أنت التعددية
أنا الأحساس وأنت الحسية


وعندي تتنافى التعددية مع الحب الصادق
وتتنافى مع الكبرياء والإعتزاز بالذات
هذه التعددية تركت العديد من البصمات عليك
أراها في خيالي


تنفي عن نفسك التهمة إن كانت تهمة
وتقول هذه البصمات جزء مني وأنا شاكرلها
شاكر لكل النساء العابرات
لأن كلاً منهن ساعدتني على إكتشاف جزء من ذاتي


أعترف أنهن ولا بد ساعدنك على ذلك وأحسدك إن كنت بافعل قد اقتربت أكثرمن نفسك
ولكن..... لا أزال لا أقبل التعددية ولا مطلق الحرية


بل .... من الممكن أن أتقبلها ولكن فقط كجزء من الماضي
أقبلها لأنها جزء من الكل الذي أصبحت عليه
ومن الممكن أن أتمادى لأحبها
ولكن الأكيد من أنني اذا جئت فسوف أطردها لأحتل كل مكانها


لا أريد أن أكون كنزيلة غرفة في فندق
أدخلها لأول مرة فتطالعني رائحة آخر نزيلة
أريد مكاني أنا ومساحتي أنا
مساحتي التي ندخلها معاً فتطالعني رائحة عطري أنا
وتدخلها مغمضاً فتظل تعرفها قدرمعرفتك بي
أريد مساحتى التي لا يشاركني فيها إلا انت
فهل تكتفي ؟
هل أملأك أنا؟


ولكن...
نقط بدايتنا مختلفة؟
ابدأ أنا بالصداقة
تبدأ أنت بالحسية
أقول نتفاهم
تقول سوف يأتي التفاهم


تراني أكبل نفسي
أراك منساق وراء كل ما تشتهيه نفسك
ترى نفسك مشبع
أرى نفسي أمتلك قدراً كبيراً من التحكم بالنفس


وبين كل مرة وأخرى نتقابل ، نتناقش .... وأصدم وتصدم
وأدير ظهري وأمشي
ولكني أظل أفكر فيك
أتشاغل وتتشاغل.......... ولكنك تاتي .. بعد شهر... بعد سنة ....


وأظل أحب فيك أشياء ربما ليست هي الأشياء التي تحبها في نفسك
وأكره فيك فجاجة الصراحة التي لا تستطيع أذني أن تعتادها
وأحب نصف الجملة الثاني من كلامك الذي يخفف من حدة النصف الأول


وأفكر ....


ترى هل نلتقي يوماً ؟
وهل سأكون أنا أنا وهل ستكون أنت أنت؟

أميرة المسيرى

لا يصح ان يجوع الإنسان أو أن تجوع روحه



بينما كنت أتنظر أنا وأبنتي في أحدى إشارات المرور، رأيت مجموعة من أطفال الشوارع على بعد خطوات من عربتنا. بالصدفة ذهبت عيني إلى أحدهم ورأيته وهو يبصق على الأرض ويمسح فمه بيده، وباليد الاخرى يمسك بحزم من النعناع الأخضرالذابل ، يبيعها في الإشارات.. وبأسرع مما أستوعب، رأيته يتقدم نحوي وقد قررأن يبيعني بعضاً من النعناع..


مدفوعة بإحساس من القرف منه ، أمتدت يدي لا إرادياً تتحسس موقع زر الزجاج لأغلقه وأتجنب محاولته للتقرب مني، ولكن الوقت لم يسعفني . مد رأسه من خلال الزجاج النصف مغلق قأئلاً " خدي مني " قلت له "شكراً مش عايزه" وأنا أكمل إغلاق الزجاج بالفعل . مد يده في طريق الزجاج فنزعت يدي من على الزر، فلم يكن من الممكن أن أخاطر بغلق الزجاج على يده. إلا أن تصرفه هذا أثارني واعتبرت إصراره هذا نوعاً من التحرش. وما أن أزاح يده ، حتى سارعت بإغلاق الزجاج ، فأخذ يدق على الزجاج، وسمعت صوته من خلف الزجاج يقول: " أنا جعان... إدينى من اللي بتاكله ده" وهو يشير الى البسكوت بالشيكولاته الذي كانت تأكله أبنتي.


تحركت الإشارة قليلاً ، وتحركت بالعربة ببطء ، فأخذ يتعلق بالعربة ولم أصدق نفسي ساعتها من ردة فعله ومدى تهوره، فأخذت أنهره ثانية من خلف الزجاج ليتركنا في حالنا. وتحركت بالعربة مرة اخرى وأدرك هو أنه لن يصل إلى شئ، فأفلت نفسه .


لا أعرف لماذا توقفت كثيراً عند هذا الحادث العارض أتأمل وأفكر فيه. والأغرب من ذلك أنني بشكل ما وجدت تشابه بين حال هذا الصبي الفقير البائس وحال كثير من الناس المحيطين ومن نفسي في بعض الأحيان. ووجدتني أفكر في إنه إذا كان الفقروالجوع المادي هم سبب تسول هذا الصبي. فماذا نتسول نحن؟ و أي نوع من أنواع الفقر نعاني ؟


أدركت أنه هناك أنواع أخرى من الفقر تعيش بيننا ولكن يصعب علينا التعرف عليها ، ذلك لأنها تتواجد في أشكال غير ملموسة متنكرة فلا نلتفت اليها. أرى الآن الخيط الجامع بينها بوضوح يظهر في عدم الشعوربأي لذه للأشياء، عدم الرضا عن الحال أوعن النفس، والرغبة دائماً في المزيد. أرى أناس وحيدة من الداخل برغم أنهم محاطون بالناس في كل دقيقة وتراهم ويقولون أصعب أنواع الوحدة هي التي تشعرها وأنت في وسط الناس. والسعادة عندهم ، سعادة وقتية ، تنتهي بمجرد إنتهاء واقتناء الاشياء المباشرة... فلا يبقي منها اثر فيظلوا جائعين.


أسترجع الآن مختلف "ماركات" الفراغ فأراها كالقلادة معلقة على الصدور . تتدلى من الرقبة وتمر بالقلب والمعدة والضلوع ، يكادالقفص الصدري أن يضيق بها. وأينما حلت ، حل على صاحبها الشعور بعدم الراحة لأنها تحرك فيه إحساس بجوع لا يشبع ولايمتلئ لأنه من الأصل لا يعرف ماذا يغذيه.


ومع إحساس الجوع ، يزداد الياس وفقد الإتجاه، فتجد حاملي قلادات الفراغ يلهثون في كل إتجاه محاولين سد هذا الفراغ بمختلف الطرق . إلا انهم لا يتوقفوا ليتساءلون : ما هو سبب هذا الشعور؟ أراهم مثل صبي الإشارة الصغير جائعين متعبين ، يحاولون سد جوعهم بأي ثمن. إلا أن طفل الاشارة اليائس أحسن حالاً من كثيرين لأنه على الأقل يعرف ماذا الذي يشبعه.


فما هي أسباب فقر الأغنياء الفقراء؟ في رأيي أن فقرالروح يحدث عندما يهمل الإنسان نفسه فيغفل ما يشبعها و يغذيها . فلكل نفس غذائها الخاص والمختلف الذي قد لا ندركه خاصة مع مجتمعاتنا التي تميل الى الجماعية والتقليد و بالتالي النمطية في كل شئء بدءاً من التعليم والأسرة المجتمع.


لذلك تجدنا نعيش في القوالب التي صنعها المجتمع والتي تستخدم كمعايير لتقييم نجاح وقيمة الأنسان. فاذا كنت متعلماً ، عندك وظيفة ، عندك أسرة وفرص للترقي وجني الاموال ، إذن أنت ناجح . .إذا كنت تقتني الكثير من السلع الاستهلاكية وتبالغ في الاهتمام بمظهرك ،إذن فانت "حد نضيف" وإذا كان العكس "فأنت أي كلام " وأمثله أخرى كثيرة للسطحية التى طالت حياتنا والتي نحكم من خلالها على الأشياء والأشخاص . ولكن هل تتوقف لتسأل نفسك هل أنت راضي؟ هل انت سعيد؟ هل عرفت نفسك ؟ هل عرفت ما يشبعك؟ لا.... أنت تفعل كما يفعل الأخرين . واقف في نفس الطابور ، منتظر نفس الأشياء.


أذن فعلينا الا نفكر فقط فيما يشغل وقتنا ، بل فيما يملأ روحنا ، يشبعها ويقويها. علينا أيضاً أن نتأكد أن المدخلات على حياتنا هي أشياء ذات معنى تطول روحنا وليست أشياء سطحية ظاهرية نخلعها كما نخلع ملابسنا عندما نذهب للنوم وذلك لأن جوع الروح هي أخطر حالة قد يصل اليها الإنسان فيتحول الى مخلوق ضعيف بائس يقبل بأي شئء يخطفه ليشبع به جوعه. هي حالة مخيفة لا يبقي للإنسان فيها شيئاً للحفاظ عليه والأخطر من ذلك أنها تخيف الآخرين. فمن منا سيمد يده لغريق قد يسحبه معه وينزل به الى القاع..

أميرة المسيرى

مسألة وقت وإعداد وإستعداد



أستشعر خطواتي على الطريق الصحيح
الطريق الذي حلمت به وأحسسته منذ زمن طويل
حدس داخلي حدثني عنه وأكده لي
ولكني تركته بإرادتي وأهملته
طواعية تخليت عنه ليس لكسلي أو لعدم إيماني ولكن بسبب إيماني بالتوقيت والإستعداد


فالتكوين يجب أن يحدث
ويتطلب الوقت
يتراكم قطرة قطرة
مع كل حادثة ، مع كل كلمة وكل خبرة تؤثر فينا سلباً أو إيجاباً
إلى أن نغدوا منتجاً جميلاً هو حاصل جمع وضرب كل هذه الأشياء
كل هذه الأشياء تصنع تاريخنا ، توثر في حاضرنا وشكل مستقبلنا


أشعر بالطفل يستعد للإنطلاق
كان الطفل يخزن الحروف والكلمات والمشاعر والخبرات، ليكون الجمل وليعي ما هو معنى الأحساس
كان الطفل يحتاج التعلم ويحتاج أن يكون جاهزاً، قادراً ليمشي
كان يكون العضلات ويستجيب للتحفيز ولكنه كان ينتظر الوقت المناسب
كان للطفل رجلين وزراعين ..... لم يكونا معطلان كل هذه الفترة
لم يكونا خاملان ، بل كانا يتدربان ليفاجئا العالم بالقدرة على المشي والحركة
كانت مسالة وقت وإعداد وإستعداد


الآن اشعر بهذا الإستعداد ، ولهذا أشعر بالإمتلاء
وكأني لست وحدي المستعدة
كل ما حاولي مستعد وفي صفي ... وهذا ليس صدفة
لا أصدق في الصدف .... فأنا جاهزة الآن


أشعر بنفسي إنسانة أخرى
انسانه أخذت وقتها وفرصتها لتنموا
أشعر بنظرة عينى مختلفة
أراها مفتوحة على التعلم والقدرة على الإندهاش والإستمتاع بالأشياء
أتمتع بنظرتها الراضية
يسودوني هدوء المطمئن الواثق
فليس هناك شئ إسمه الصدفة
بل هناك شئ إسمه التوقيت
عندها فقط تحدث الأشياء
وقتها تتفتح الورود، وتتطيرالفراشات

أميرة المسيرى