الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

الموتور و الفرامل

من أجمل الأشياء التي تستهويني جداً و تلهمني هو مشاهدة طفل صغير لم يلبث أن تعلم المشي وهو يتعثر في خطواته الأولى ويجاهد للحفاظ على توازنه .. هذا المشهد يجذب إنتباهي بشده لأنه من اوئل الإنتصارات التي يحققها الأنسان في عمره و تكون قدرته على المشي هي ألاداة الأولى التي تعطيه حرية الحركة وحرية الأستكتشاف .. هذه الحرية والقدرة الكبيرة يعطيها الله للإنسان في عمر عام واحد فقط وعلى أقصى تقدير بعد عيد ميلاد الطفل الأول بأسبوع او أسبوعين إلا اذا كان هناك أسباب عضوية لتأخر المشي .

أطرف ما في هذا الموضوع هو أن الطفل في هذه السن المبكرة جداً مع اكتسابه لقدرة المشي لا يكتسب قدرة موازية في تطوره العقلى التي تمكنه من معرفة و تحديد الاخطار المحيطة به من ماء ساخن ، كهرباء .. الخ الخ. لذلك يكون الطفل في هذه المرحلة مثل " العربة الطائشة " موتور بلا فرامل ... موتور بلا عقل.


إذا تأملت في هذا الموقف أكثر وأكثر فسوف تجده يتعدي الطرافة ، فبالإضافة إلى متعة مشاهدة هذا النجاح الكبير للطفل من المحافظة على توازنه و تفادي الوقوع ، و الإصطدام بالأشياء و خبط رأسه في الحأئط و عمل كثير من الكوارث ، فهنا ك بعداً أكبر بكثير .. هو بعد التلقائية والمغامرة  وروح الاستكشاف التي أودعها الله بداخلنا ..


يبدوا أن الله اراد لنا في بعض مراحل حياتنا أن نكون بالفعل موتور بلا فرامل. والدليل على ذلك هو انه أمدنا بالقدرة على المشي قبل القدرة على التفكير السليم . وهذا لا يعني أن الله لم يمدنا بدواعي آماننا... بل أعطانا هذا الآمان متمثلاً في الفطرة التي تركها لتقودنا في أكثر مراحل حياتنا ضعفاً وانعدام للخبرة.


وبينما نكبر، يقل اعتمادنا على الفطرة وتزيد تجاربنا وتتراكم المعلومات ، ولكن الخبرة دائماً قابلة دائما لزياده أكبر .. فإن كنت أبن العاشرة ، فمن في ضعف عمرك تجربته و حصيلة معلوماته أكبر وإن كنت في العشرين فخبرات أهلك بطبيعة الحال أوسع في مجال الخبرات الحياتية الا ان أولادنا الآن سبقونا في بعض المجالات مثل الكومبيوتر و التكنولوجيا ..


عودة إلى الطفل الذي تعلم المشي ثم لم يلبث أن صار في السادسة عشرة و يجب عليه تقرير ايه جامعة يلتحق بها .. وسريعاً يصبح في العشرينات فيختار شريك عمره .. و قرارات كثيرة منها الكبير والصغير ، إلا انها كلها تشكل حياته المستقبلية و تسطر خطوطاً في كتاب حياته .... و في هذه المرحلة يتسلح "الطفل" الذي لم يصبح طفلاً بمشورة عقله و ببعض التوجيه من الأهل و المجتمع و تكون قراراته في ضوء معلوماته و خبراته و ما تفرضه قيود و ضوابط البيئة التي يسوق فيها "عربته" .. و لكن معلوماته دائما تكون غير مكتملة و خبرتة قابلة للزيادة.


و نكبر أكثر .. و أدواتنا لا تزال الموتور و الفرامل ... و نتطور، فلا نظل هذه العربة الطائشة التي كناها يوما.. بل يزداد استخدامنا للفرامل. وتأخذنا سطوة حسب الحسابات و توقع النتائج. وفي قمة هذا "النجاح " و قمة الفهم والنضوج من "وجهة نظرك" ، يباغتك حنين لأيام كنت فيها قليل الخبرة لا تعلم ماذا ينتظرك  برغم هذا كانت تحدوك روح المغامرة و الأستكشاف وكان يصيبك الكثيررررررر من النجاح. نعم هناك جمال في أن تبدأ الطريق وأنت لا تعلم ابعاده والا تعلم ماذا ينتظرك ولا حتي أن يكون بداخلك سؤال : ماذا بعد ؟ 


لهذا ، أيها الطفل الذي قدر الله له أن يتحسس خطاه وقت أن كان إبن عام  واصغر، أخطوا وتعثر وخاطر وتحسس طريقك بحدسك و بقلبك وبما تملك من أدوات .. فمهما كبرت وعظمت ادواتك فسوف تظل دائما محدوداً. وهناك الكثير من الأشياء التي تستشعر بالقلب فقط دون العقل وأشياء تبدوا الجنون كل الجنون و بدون أي ضمان من العقل... ولكنها هي كل الصواب. 


أميرة المسيري 

السبت، 7 نوفمبر 2009

" أفتحوا الشبابيك لنور الشمس"



من أنا ؟ ماذا أحب ؟ ماذا أكره ؟ و ماذا أريد ؟؟


أفكر كثيراً هذه الأيام في هذه الأسئلة ....

أنا إنسانه بسيطة تريد أن تعيش حياة بسيطة مطمئنة .أريد النجاح , أريد الحب و الرفقة .. أريد الهدوء و السلام . أريد أن أنموا و أن أصبح كل يوم أفضل مما قبله و ذلك عن طريق التعلم و التفتح على الدنيا و التواصل مع مختلف الفئات والأعمار و الثقافات .. عندي أحلامي التي أسعي إلى تحقيقها و أحمد الله على نعمة الحلم و نعمة التفكير... جميع الشبابيك مفتوحة أمامي ... الشمس تدخلها و أراها وأحسها في قلبي وعيني وأحساسي . أريد ان تكون الدنيا على قدر المستطاع أغنية سعيدة أخزنها و أدندنها في ذهني لأن الدنيا في الواقع ليست بنفس القدر من التفاول والسعادة ..


وفي ذات الوقت ، أنا واقعية ، أعرف إن قدرنا أن نولد و ننموا و نتعرض للأحداث السعيدة و الحزينة و المرض وموت الأحباء. نولد براعم متناهية الصغر و ننمو و ننمو إلى أن نصير وروداً نضرة، ثم لا نلبث أن نذبل تدريجياً الى أن نفني تماماً و نصير تراباً يطير مع الريح. ... من أجل هذه الحقيقة وهي أن كل شئ إلى زوال و أن دوام الصحة و الشباب الجمال من المحال ، من اجل هذا الوعي ، فأنا أبحث عن امتلاك كل لحظة جميلة ... حالية ... أبحث عن خزين الشتاء الذي سيملأني عندما تذوي النضارة و الإنطلاق.. أبني قوة داخلية ... أبني روحاً من العلم و الانسانية والخبرات .. أجمع طاقة لتدفئني و تعطيني السلام يوم الشتاء القادم لا محالة ...


" أفتحو الشبابيك لنورالشمس يلا " .. صحوت اليوم على هذه الجملة في ذهني .أحب أن أدعو الناس اليها .. هذه الشمس ليست شمساً مادية . هي شمس المعرفة و الإستنارة .. ليست بالضرورة معرفة علمية فمن الممكن أن تكون تفتحاً للذهن على آية حقيقة حياتية نعيشها .. هي قدرة على التفكر في ما يحيط بنا و محاولة ترتيبه في صورة تناسبنا و تكون ذات معني لنا.. أكتشاف شيئاً ما كان خافياً علينا. إصلاح خطأ كنا نرتكبه دون وعي ... و الأهم على الإطلاق هو إكتشاف الأشياء التي تقربك من فهم نفسك ، فتصبح أكثر قربا من نفسك، فتعرف ماذا تحب و ماذا تكره ..ماذا تقبل وماذا ترفض .. و كيف لك ان تروض نفسك و تقودها في بعض الأحيان لترضخ أو لترضى . ان كل لحظة يقضيها الإنسان مع نفسه في فهم نفسه أو اكتشاف حقيقة كانت خافية عليه هى مكسب كبير وخطوة نحو السعادة التي دائما ما نحتار فيها. و يبدوا عن تجربة أن فهم النفس هي أول خطوات هذه السعادة ...هذا السلام .

ما أسعد و أجمل أن تعي أولاً كم أنت مخلوقأ فريداً ، صنعته يداً عظيمة ووضعت فيه من روحها و لمستها .. ... مخلوق فريد خلقة الله بكل جماله و نقائصة ... عيوبه و ميزاته . .ما أجمل أن تحب هذه النفس و تتباهي بتفردها و اختلاف بصمتها عن كل شئ في هذا العالم ، فهذه النفس لا يوجد منها إلا نسخة واحدة فقط صنعها مصنع لم ينتج غيرها.. و ما أجمل أن تضيف أنت لهذا الخلق .... عن طريق تطوير هذا الكيان عن طريق الفهم و النمو والسعي نحو أفضل درجات الأداء.

* " و الشمس و ضحاها و القمر إذا تلاها و النهار إذا جلاها و الليل أذا يغشاها و السماء و ما بناها و الأرض و ما طحاها . و نفس و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها ، قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها "


أميرة المسيري 


*سورة الشمس ( ايه رقم 10- 15)