حانت مني التفاتة إلى الجميلة النائمة بجواري متدثرة بالغطاء . نظرت إلى كتفيها وذيل حصانها الطويل الملموم إلى الخلف في فوضى محببة . تحركت بعيني أتأمل بقية جسدها والحيز الذي تشغله في الفراش والذي ازداد تدريجيا مع مرور السنوات الإحدى عشرة الماضية. قبلتها وهي نائمة وابتسمت لها ابتسامة معزة ، سعيدة بالانتماء والمسئولية عن هذا الكيان الذي ينموا بقربي، تحت نظري ويدي يوم بعد يوم.
ويبدوا أن هذا المشهد في هذا اليوم بالذات قد أثار في أحاسيس قوية من الأمومة تعرفها الأمهات جيدا ولكنها قد تنسى في زحام تعاملات كل يوم بشده وجذبه خاصة عندما تكبر البنات فتسود العلاقة الكثير من الحوارات والمناقشات ثم المناقشات وايضاً المناقشات ثم الطلبات التي لا تنتهي أبدا ومن الممكن أيضا بعض الانتقادات. ابتسمت لها و قبلتها وأنا احتضنها بعيني وقلبي وأدندن "غمضت عيوني خوفي من الناس يشوفوك مخبا بعيوني " *
ويبدوا أن هذا المشهد في هذا اليوم بالذات قد أثار في أحاسيس قوية من الأمومة تعرفها الأمهات جيدا ولكنها قد تنسى في زحام تعاملات كل يوم بشده وجذبه خاصة عندما تكبر البنات فتسود العلاقة الكثير من الحوارات والمناقشات ثم المناقشات وايضاً المناقشات ثم الطلبات التي لا تنتهي أبدا ومن الممكن أيضا بعض الانتقادات. ابتسمت لها و قبلتها وأنا احتضنها بعيني وقلبي وأدندن "غمضت عيوني خوفي من الناس يشوفوك مخبا بعيوني " *
طالما أتذكر ويحلوا لي بين الوقت والآخر أن أتندر على نفسي في أول لقاء لي مع ابنتي وقد كان ذلك فور ولادتها وقد كنت شديدة التعب، خائرة الأنفاس وكان السؤال الأخير الذي نطقت به قبل أن أسلم نفسي للنوم هو "البنت كويسة ؟" استفقت بعد مدة وهم يضعونها على صدري، لأنظر إليها نظرة واحدة فقط وأتذكر أنني لم اسميها بعد ، ولكن غير مهم أنا متعبة "شيلوها" . "حقيقة .... ونعم الأم !"
وتتطلبني بعض الراحة لأستجمع قواي وابدأ رحلة أمومتي التي أخذت اتجاها مغايراً منذ أن بدأت التعرف على هذه الوليدة الصغيرة. أتذكر أجمل وأعمق إحساس شعرت به في حياتي على وجه الإطلاق وأعتقد انه من أحد التجارب القليلة التي لا تزال تأخذ نفسي وتأسر روحي كلما تذكرتها. تولد هذا الإحساس مع بداية إرضاعها . و بالرغم أن الرضاعة نفسها لم تكن التجربة المفضلة عندي ، فقد كنت مهتزة بشدة من تغير نوعية دوري في الحياة إلى مجرد مرضعة ومغيرة حفاضات ، إلا أن الجو المحيط بهذه العملية جعلها تجربة احتواء بكل ما تحمل الكلمة من معاني.
إلى الآن لا أنسي جلستي على فراشي محتضنة هذا الكائن الصغير، جسمه مرتكن على زراعي ووجهه قريب إلى وجهي ونفسه في نفسي وعيونه في عيوني واليد الفائقة الصغر ذات الجلد الناعم وكأنها من الجنة متشابكة مع أحد أصابع يدي اليمني. أما قمة المتعة فكانت تأملي للعيون الصغيرة التي كانت تتفتح يوماً بعد يوم والرموش التي كانت تزيد رمشاً رمشاً بين يوم وآخر. كانت مطالعة عيون ووجه ندى وتعبيرات وجهها وهي تجاهد في أولى مهماتها في الحياة للحفاظ على حياتها وكفاحها في سبيل" لقمة العيش" هي تجربة استمتاع شغلت كل حواسي في ذلك الوقت وتركت بداخلي ذكرى راسخة لا أنساها مع مرور الزمن .
وبعد مرور السنوات، ها أنا أتأملها وأنا أفكر إنني لم أعد لها ذلك الكائن العملاق ، كما لم تعد هي ذلك الكائن الدقيق المكافح من أجل حياته ، بل المكافح من أجل استقلاله . أنام وأنا أفكر في المزيد الذي ينتظرني كشاهد وراعي لكل لحظة من لحظات نمو وتطور هذا الإنسان. حقاً .... مسئولية كبيرة !!!!
* من أغنية سألوني الناس لفيروز
أميرة المسيرى
* من اللحظات القليلة في الحياة التي تأخذ الأنفاس