" أنت لا تنزل نفس النهر مرتين "
وجدت نفسي مؤخرأً افكر في هذه المقولة و في اتساع الاحتمالات التي تحويها .. فعلأ ليس هناك تكرار لأي تجربة حتى و ان كنت انت نفسك و ان كان " النهر" نفس النهر، لانه في كل لقاء تختلف الظروف حولكما فلا تكون انت نفس الشخص و لا يكون النهر نفس النهر بنفس الثبات ، فالتجدد اذن هو الاحتمال الاكبر المستمر وسنة الحياة والثبات هو عكس وضد كل صور النمو في الحياة. اذا سلمت بهذه المقولة وهذا الافتراض سوف تسلم بانك متجدد في مختلف مراحل حياتك و حتى على مدى فترات زمنية قصيرة جداً قد تكون اسابيع و ايام و حتى دقائق و ذلك لأن نظرتك تتأثر بظروف الموقف و ظروف حالتك النفسية وتوقيت الحدث وخلفياته .. قد تحاول ان تكون موضوعيا بالتدريب الا ان الموضوعية قد تبدوا صعبة جداً مع هذا الافتراض لأن ترمومترالقياس غير ثابت و كل ما حوله غير ثابت.
هذا من ناحيتك .. اما من ناحية الاخرين فانك تندهش جداً من ديناميكيات تفاعلك المختلفة مع شخصيات مختلفة .. فبينما انت انت نفس الشخص، الا ان ردود الافعال والاراء تختلف حولك فتجد من يعجب بك ومن يحبك جداً ، و ايضاً من لا يفضلك أو لا يستسيغك أوحتى يكرهك.. وبينما في الواقع انت انت نفس الشخص الا ان صورك تختلف مع اختلاف الشخصيات و الادوار .
حتى اذا نظرنا الى الطبيعة فهي من شأنها التغير ، فتتغير الفصول و تختلف درجات الحرارة ما بين يوم و اخر و ما بين الليل و النهار .وعلى نفس الخط كل شيء خلقه الله له ظروف وصور متغيرة فالقمر ينمو ويكبر ثم يصغر ويتضائل .. والشمس تتغير حرارتها على مدى النهار الى ان تغرب و تخبوا لتعود في يوم جديد . نفس الشمس ذاتها تختلف درجة سطوعها وحرارتها من بلد الى بلد على حسب موقعها الجغرافي ولكننا اتفقنا على تسميتها نفس الاسم و الصفات ... اسميناها شمسأ في كل مكان في العالم و اتفقنا علمياً على وصفها و خواصها.
اذا سلمت انك متغيردائماً فما هي الاحتمالات والفرص التي يجلبها هذا الافتراض؟ هذا الاحتمال يسع فرصاً كثيرة لكل من فاته شيء لأن بقاء الحال من المحال. فمن فاتته فرصة فلعل فرصته قادمة في مرحلة اخرى .. و اكثر الناس وعياً هم من ينتبهون الى هذه الحقيقة فاذا كانوا على القمة يظلوا متيقظين ليبقوا كذلك ،كي لا يكون التغير عندهم تغيراً سلبياً.
نفس فكرة التجدد تلغي التشاؤوم تجاه الاشياء والمواقف والاشخاص الذين جمعتنا معهم تجارب سيئة و تعطيهم المزيد من الفرص .. و في نفس الوقت، نفس فكرة التغير لا تعطي اي ضمانات للحفاظ على أي مكسب في الحياة حتى و ان كنت تعبت جداً للحصول عليه ، فيجب ان تظل تعمل ان لم يكن لتنميه فعلى الاقل للحفاظ عليه لأن في دوامة التغير هذه لا شيء مضمون .