كنت أشعر بالخوف وأنا اقف في طابورأحد ألعاب "الرولور كوستر" في ديزني لاند في فرنسا عندما ألحت أبنتي على ركوب هذه اللعبة . كنت قد ترددت قليلاً في الركوب لأن اللعبة بدت من أسرع وأخطر الألعاب طبعاً من وجهة نظري. ومع مطالعة وجوه راكبي اللعبة و سماع صراخهم، تأكدت بالفعل أن اللعبة سريعة جداً ومخيفة قطعأ ولكنها بدت مثيرة ايضاً. وكان الجو برداً قارساً في ذلك اليوم لدرجة تساقط الهيل علينا مما منعنا من التمتع بعدد كبير من الألعاب والعروض. ولكني كنت مدفوعة برغبة تعويض أبنتي وإمتاعها بأكبر قدر من الألعاب ، فاتجهت الى طابور الانتظارالطويل برغم خوفي و برغم برودة الجو.
و أثناء انتظاري، أخذت أتسلى بمراقبة الناس وأطفالهم وأنا أأكل الفيشار بسرعة و أنا أعلم أني متوترة . ثم سالت الموظف المسئول عن اللعبة عن مدى قوتها ، قال لي انها سريعة جداً ولكن بالمقارنة بالألعاب الأخرى لا تعد عنيفة . كنت أعلم أن اللعبة حقاً مرعبة على الأقل بالنسبة لي وأخذت أضحك على محاولتي الساذجة " المصرية الخالصة" لطمأنة نفسي حتى لو كانت هذه الطمانة غير واقعية وعكس ما اراه واضحاً أمام عيني .
ظللت واقفة في الطابورمزيداً من الوقت وانا اقول لنفسي "كان عليا بأيه بس يا ربي"و لكن.... لا مجال للتراجع الان و لكن ..... لن يضر أن أحاول . "يا ندى... ده الطابور طويل قوي ايه رأيك؟ " و لكن هيهات.... شاكلي كده طالعة طالعة . ما فيش فرار.
وحانت اللحظة وخطيت برجلي داخل العربة وأحكم رجل الملاهي السياج الحديدي حولنا وأنا اسأل نفسي " يا ترى قلبي هيستحمل عنف هذه اللعبة؟ ولكن خلاص مش وقت السؤال.
و تحركت العربة بدفعة قوية متسلقة بدايات المطلع الكبير للسلالم الحلزونية الدائرية الملتوية ذات الاندفاعات و الطلعات العنيفة، فاحكمت يدى حول السياج الحديدي والتصقت بجسمي اكثر مع ابنتي التي كانت هي الاخرى في قمة الرعب ولكنه كان بالنسبة لها رعباً لذيذاَ لانها كانت تصرخ وتضحك في ذات الوقت بملء صوتها. أما أنا فكانت يدي ومعصمي تزدادان تصلباً حول السياج الحديدي وكنت أغطس بجسمي إلى أسفل محاولة تفادي الصدمات العنيفة.
و أنزلقت العربة في اندفاع بسرعات جنونية في منزلقات من خطوط مستقيمة ومنزقات حلزونية باقصى سرعة فحبست أنفاسي وأنا لا أكاد أصدق نفسي ان قلبي لن يتوقف في أثناء أحد هذه الانزلاقات العنيفة . كنت أقول لنفسي " أنا ليه ركبت ؟ لن أستطيع تحمل عنف هذا المنحدر؟ و صوت أبنتي في الخلفية تقول " اوعي تبصي لتحت يا ماما."
و أخيراً انتهت اللعبة، فنظرت إلى أبنتي المرعوبة التي بدا على وجهها قمة أمارات الشيطنة والحماس . و قالت " كانت تجنن" . أنا ايضا شعرت بالأثارة برغم رعبي.... يبدوا أن شعور الخطر والمغامرة له لذته ايضاً . نزلت من العربة و قد أزدادت حماستي . ولكني كنت اتحرك و انا اشعر باثر تصلب يدي و ذراعي و ركبي لأنني على عكس ابنتي و الاخرين لم أنفس عن رعبي وخوفي و لو حتي بصرخة واحدة، الا انني كنت سعيدة لأني واجهت هذه اللعبة الملعونة .
وضحكنا كيثراً أنا و ابنتي الى ان دمعت أعينا و نحن نطالع تعبيرات وجهينا في الصورة التي تم التقاطها لنا : هي فاغرة فمها الى آخره ، بينما أنا منزلقة بجسمي الى أسفل ، متصلبة ، مرتدية طرطوري الأحمر، مناخيرى حمراء من البرد و على وجهي تعبير مضحك من الألم و الرعب . و لكني خرجت من منطقة اللعبة و أنا فخورة بنفسي لاني عرفت وقتها انى استطيع تحمل المزيد من المغامرة على عكس ما كنت أتوقع . وضحكت من داخلي و أنا أقول لابنتي " بس أبقي أدعكيلى ركبي يا بنتي"
أميرة المسيرى